نحن نعيش ونتحرك في هذه الحياة ونتخذ قراراتنا العادية او المصيرية ونحن محكومون بقناعات معينة هي ما تدفعنا للسير في هذه الاتجاهات او اتخاذ ما نتخذه من قرارات (حتى وان كانت خاطئة) ، القناعات نوع من الافكار ، هي اعلى درجات الافكار فالقناعات هي افكار تم تأكيدها والموافقة عليها من قبل عقولنا ، والتأكيد والموافقة تم بناءا على عملية عقلية معقدة قيمت فيها عقولنا هذه الافكارومدى كونها مفيدة لنا ولقدراتنا في هذا العالم ولادورانا في حياتنا وكونها موافقة لقيمنا وطباعنا التي نشأنا عليها
ولكن للاسف هذه العملية المعقدة قد تخطئ احيانا وهي تقيم هذه الافكار وبالتالي ينتج قناعة خاطئة ، ولا يدرك الانسان انه يعيش وفق قناعه خطأ الا بعد زمن او فترة من حدوث التعطيل لجانب من جوانب حياته بسببها ، وقد (للاسف) يعيش حياته كاملة متعطلا وهو لا يدري انها بسبب فكرة او قناعة في عقله ، وقد يحدث احيانا ان القناعة كانت في وقت ما صحيحة ومفيدة ولكنها مع تغييرات الحياة (التغيير هو سنة الله في الكون) لم تعد صالحة للاستخدام وبالتالي وجب تغييرها او (تحديث منظومة المعاني في العقل كما احب ان اسميها) كتحديث الويندوز او تطبيقات الموبايل
ولا يوجد قناعة صحيحة او قناعة خاطئة (معطلة) لذاتها ، بل صحة القناعات وقوتها متعلق بنتيجة هذه القناعة على ارض الواقع ، هل هي معززة لجودة حياة صاحبها ؟ ، ونظرته لنفسه وقدراته ؟ ، هل هي داعمة له في علاقاته مع الاخرين ؟ هل هي بتساعده ومفيدة له في اداء ادواره المخنتلفة في الحياة ؟ اذا كانت الاجابة بنعم فهي قناعة جيدة واما اذا كانت الاجابة لا فاذا هذا وقت التغيير ، كل ما تحتاجه هو استبصار وادراك كيف انها غير مفيدة وكيف هي معطلة له في جوانب او جوانب من حياته ثم يسمح لنفسه بالتخلي عنها وتبني قناعه اخرى بديلة تكون اكثر افادة ودعما له في الحياة
كيف اعرف اذا ما كان لدي قناعات معطلة ؟
هناك خمسة مؤشرات تشير الى انك قد تكون محكوم بواحدة او اكثر من القناعات المعطلة
اولا : عندما تجد نفسك او تشعر انك عالق في مكانك
ويتأتى هذا شعور الحيرة هذا للانسان في امر ما عندما تكون المعاني التي لديه حول هذا الامر او حول طريقة تنفيذه غير كاملة والمعلومات التي لديه غير واضحه .. السبب لديه للفعل غير كافي بالنسبة له .. بالرغم من امتلاكه الموارد ووجود خطة للعمل
ومن الامثلة على ذلك الحيرة التي يقع فيها بعض الاطباء عند اختيار التخصص الطبي وعندما يوجد لديه خيارين وكلاهما متاح ، معنى ذلك انه ليس لديه سبب كافي تجاه الالتحاق بأحدهما ، أقوم بمساعدة هؤلاء ببناء معاني وقيم حول كلا التخصصين ومن ثم سيبدأ السبب الواضح للالتحاق بأحدهما بالظهور للشخص نفسه ، ومن الامثلة الاخرى التي اراها كثيرا الحيرة لدى البعض في قرار ترك العمل او التخصص الذي لا يرتاح فيه ، ومن الامثلة الحيرة الشديدة في اتخاذ قرار مثل الدخول في شراكة عمل او شراكة ارتباط (زواج) ، من الطبيعي ان يتحير الانسان قبل القرارات الكبيرة ولكن ما اتحدث عنه الحيرة التي تظل تستغرق زمنا كبيرا وقد تفوت الفرص على صاحبها هي هنا ما اعنيها وهي ما قد تعني ان هناك قناعة معطلة تحول دون اتخذا القرار ، غالبا ما أجد ان القناعة المعطلة ليس لها علاقة مباشرة بالموضوع ، فكثيرا ما اجد ان القناعة لها علاقة برأي الانسان في نفسه وثقته في ذاته وقدرته انه قادر على فعل هذا الامر او الاخر، واحيانا القناعة المعطلة تكون حول رأي الشخص في الاخرين حوله او لانه يرى ان على الاخرين مد يد العون له والمساعده والا فلن يكون قادرا على التحرك وهكذا
ثانيا : لديك مشكلة قمت بحلها ولكن ما لبثت وعادت مرة اخرى
لان هذا الشخص قد قام بترتيب الامور خارجيا (في العالم الخارجي) ولكن عالمه الداخلي هو من فيه المشكلة الحقيقية (قناعات واطارات معطلة في افكاره) ، ومن الامثلة على ذلك مشاكل العلاقات فتجد ان الشخص لديه مشاكل وخلافات كثيرة مع الاخرين للدرجة التي يقرر فيها انه سيقوم باصلاح علاقاته بمن حوله فيعتذر ويبدي الاسباب ويؤكد على عدم العودة ومن ثم لا يلبث فترة فتجده يعود لنفس الخلافات مع نفس الاشخاص ، وعند البحث والحوار مع هذا الشخص قد يتضح ان المشكلة لديه (القناعة المعطلة)انه يقوم بعمل تعميمات للامور في حياته فطالما ان الشخص الاخر لم يرد علي اتصاله فدا معناه انه لا يحبه ولا يحترمه او طالما لم يدعوني الى مناسبة سعيدة كانت لديه يبقى كده اللي بيننا انتهى .. هو في هذه اللحظة لا يدرك ان السبب طريقة افكاره لانه (واي حد مننا في مكانه) لا يرى تأثير افكاره طالما هو واقع تحت سيطرتها ، يستطيع ان يرى تاثيرها عندما يفكر في العواقب التي وصل اليها بسبب هذه الافكار
ثالثا : لديك مشكلة كلما اردت حلها تجد ان الامور تزداد سوءا وتعقيدا
واذكر هنا مثال واقعي لاحد الاطباء تولى مهام ادارية بجانب عمل الطبي ولكن فريق العمل الاداري لديه لم يكن على القدرالمطلوب من الكفاءة والتعاون مما دفعه هو الى القيام باعمال الفريق واحدا تلو الاخر مما سبب له الكثير من الضغوط وكلما شعر بالضغط او الاخفاق كلما ألزم نفسه بمزيد من المهام وساعات العمل ، يقول المشاكل لا تنتهي مع انني (الحل من وجهة نظره) مش مقصر معاهم ووقتي كله رايح عليهم ، والقناعة المعطلة لديه هي انني مسؤول عن اتمام العمل لوحدي !! .. قلت له ربما انك مسؤول عن ادارة الفريق لاتمام العمل ، وربما حرصك على العمل جعلك تترك الادارة او تتجنبها وتستعيض عن ذلك بتحمل اعباء العمل ؟ .. وقد كان ما ان ادرك ذلك حتى بدأ في تعلم الامور البسيطة عن ادارة الفريق والعمل الجماعي وبدأت الامور تتحسن والانتاجية تزيد
رابعا : شعور ان شيئا ما يتحكم فيك ويضعك في نفس الدائة او نفس النمط
مثال عند محاولة الاقلاع او التخلي عن بعض العادات الغير مفيدة مثل التدخين او ادمان السوشيال ميديا وتهيئ كل الظروف حولك لذلك ثم لا تلبث وتعود .. ومثال ذلك كنت اتحدث مع احد الاشخاص عن اخفاقه المتكرر في الالتزام بنظام ونمط صحي في الاكل وفشله المتكرر وعند الحوار بعمق واستكشاف ذلك وجدت انه يعطي الاكل معاني كثيرة اكثر مما جعلها الله للاكل .. فوجدته يعطي الاكل معاني مثل (لمة العيلة - الناس الحلوة - الانبساط - الدماغ العالية) فكلما قرر الالتزام بالنمط الصحي جاءته فكرة هاتخسر اصحابك وهاتخسر اللمة والقعدة الحلوة فيضعف ويترك النظام ويعود الى سابق عهده ، ولكن بعد التعامل مع هذه القناعات ورؤية انها معطلة له وانه فعلا سيفقد العائلة الفقد الحقيقي و سيفقد اللمة الحلوة قريبا عندما يصاب بالامراض المزمنة المترتبة على نظامه الغذائي الغير صحي الحالي
خامسا : تقرر البدء في امر ما والالتزام لديك اصبح في اعلى درجاته ثم فجأة وبلا مقدمات تجد الالتزام قد اختفى
والقناعة المعطلة هنا نسميها الالتزام الخفي ، فقد يقرر الانسان فعل شيئ ويهيئ كل الظروف ايضا ولكن لان لديه التزام خفي او جزء من عقله رافض للفكرة فانه لا يلبث ويفشل ، مثاله احد الاشخاص يشتكي انه لا يستطيع الاتزام بموعد علاج ضغط الدم لديه وبعد التعمق في الحوار وجدنا ان لديه قناعه انه مازال صغيرا في السن وان العلاجات والادوية تعني بالنسبة له (قناعة خطأ) انه اصبح طاعنا في السن وهكذا
الخلاصة
كون القناعة صحيحة او معطلة له علاقة بتأثيرها على حياة الشخص ، لانه ربما هناك قناعات صياغتها جذابة ورنانة ولكنها تعذب صاحبها مثل الاكل واللمة الحلوة
لا يستطيع اغلب الناس الوعي بالقناعات المعطلة لهم من تلقاء انفسهم لاننا نعيش محكومين بها فلا نشعر ابدا (بسبب تعودنا عليها) انها غير مناسبة او انها سبب تعاستنا
يمكنك الاستعانة بخبير لمساعدتك في استكشاف والةعي بهذه القناعات المعطلة وطرق التخلص منها
Enter your text here...